س و جس و ج   ابحـثابحـث   قائمة الاعضاءقائمة الاعضاء   المجموعاتالمجموعات   شاركشارك   نبذة عننبذة عن   ادخل لقراءة رسائلك الخاصةادخل لقراءة رسائلك الخاصة   دخولدخول 
الحب كائن حيث كان آدم

 
انشر موضوع جديد   رد على موضوع     فهرس المنتدى -> قصص وروايات
استعرض الموضوع السابق :: استعرض الموضوع التالي  
مؤلف رسالة
مريم



شاركت: 10 اكتوبر 2006
نشرات: 157

نشرةارسل: الثلاثاء مارس 13, 2007 9:17 am    موضوع الرسالة: الحب كائن حيث كان آدم رد مع اشارة الى الموضوع

[quote][size=24][b][color=red]الحب كائن حيث كان آدم[/color][/b]

[img]http://www.islamonline.net/Arabic/mawahb/2006/story/01/images/pic02.jpg[/img]


ذات الحلم يتكرر كل ليلة... هذه ليلته الخامسة... إنه آخذ في نسج خيوطه الداكنة على عقلي، وبضراوة فارس يائس تحاول روحي أن تطهر من دنسه!!.. ولكنها هشة!! فقيرة الزاد، كليلة العدّة.. أما هو فإنه رواسب ماض عتيد يرخي أسباله البالية على حاضر أحاول أن ألتقط الجديد في سندسياته الباهتة.. نعم باهتة لأنها لا زالت بعيدة! قصيَّة عن أمسك لحظة ميلاد جديد فيها.. عسيرة أن (شتم) روحا طليقة من غدائرها؛ بل إن نضارة أقباسها تذوب وتتلاشى من يدي كلما جاهدت أن أحياها أو أستروح آمالها.. آمالا أود أن أحلم بها كسائر البشر؟!! طموحات أصلي كي تضاء قناديلها في همتي، كما هي فائرة هناك في أنامل طفل يرسم غده على صفحات بياض متعاشق.

غريب أن يعيش الإنسان دون آمال!! إنها تميمة وجوده الشرعي.. سر أزلي تقذفه أصلاب الآباء إلى الأبناء عبر موجات المد الإنساني، إنها تعويذة "أريد أن أحيا"...

ولكن الغرابة ترفض أن تنتقص ضرورتها معي!! حين أشتهي لحظة أن أحلم.. أن أرسم أملا صغيرا قبل أن تتناوشه مدى الواقع، و"كان" ماضيات مهترئة.

لعل الحسنة الوحيدة لذلك الحلم أنه كان يجفو الرقاد عن سهادها في وقت مبكر من الليل؛ مما يتيح لها أخذ قسط وافر تعالج فيه ما انكسر من نفسها، وتهدئ من روعها، تجفف عرقا يحكي ذبول حياة انتهى تشيعها، تبرد ألما يؤجج خاطرا انكشفت عورة صبوته نحو السكينة.. وأخيرا تلملم رتوش إنسانية شرعت تتيه بعيدا عبر متاهات ذلك الحلم الكئيب؟؟!!

التفاصيل الصغيرة في حياتها اليومية تؤدَّى بصورة آلية، لا تحمل الكثير من البهجة، بل لعلها هي من لا تسمح ليراع التجديد أن تغزوها؛ فكسر النمطية في نظرها ضرب من العبث وهو قمار من لا هدف له.. هكذا كانت تردد في نفسها كلما نبهتها زميلتها في العمل إلى التقاسيم المبعثرة في ملابسها، أو عندما تفاجئها إحدى طالباتها بأن اليوم هو العاشر من كانون الأول وبرودة الطقس في تزايد؛ مما يعني ضرورة تشغيل جهاز التدفئة بدلا من جهاز التكييف في قاعة الدرس!!... عندها فقط تشعر بأنامل البرد وهي تبعث بأجزاء جسدها النحيل!... هل هو برد الطقس فعلا؟!! ربما! ولكن الأكيد أن القشعريرة الأولى كانت انتفاضة الخجل من تعليقات الطالبات اللاتي يتهامسن حول زيّ المعلمة الصيفي في صبحات شتاء باردة.

توقفت كثيرا يوم تخرجها (من) الجامعة.. "ماذا بعد؟!!" صديقات الدراسة شرعن يخططن الرسوم الرصاصية على وثائق التخرج:

"أنا سألتحق بالخدمة العسكرية"، "وأنا سأقدم أوراقي للقطاع الخاص"، "أما أنا فإني أرى منعطفي قد انتهى هنا، فالبيت والأولاد هو الحلم الذي تأجل طويلا"، أما هي فلم تعرف إلى أين تذهب؟! إذ لم تعرف كيف تحلم!! سألناها كثيرا ولكن جوابها كان ابتسامة حائرة تداري صفرة عينيها الراهبة من المجهول.. مجهول صار له أن يحتل جزءا خطيرا من تفكيرها.. لطالما راوحت هربا من احتمالية المواجهة معه.. غير أن ثمة هاجس كان يئن دوما في داخلها: أريد أن أبحث عن قشّات عمر ضاع في مرحلة من الدهر.. (سنونا) لم أذق فيها طعم الطفلة اللعوب، ثم نضج الفتاة الشارد!!... ما هو لعب البنات.. ما هي شقاوة المراهقة، كيف ترتدي الفتيات ملابسهن؟ ما مدى لوعتهن إلى ذلك الشعور بتعشق الإعجاب في نظرات الآخرين لهن؟

كان تدفق تلك التساؤلات يهدر في روعها... كانت أشبه بمن يبحث عن وجود مندثر في مقبرة عتيقة لا يرن فيها سوى ريح زمن مضى؛ يصهل في مسامعها أن العودة مستحيلة والساعة لا تراجع دوراتها.

كانت تتشبث بيقين راسخ أن ما استتبع الألم في حياتها أنها لم تعش تلك المرحلة كأي طفلة، ثم كأي فتاة،.. كانت طقوس ذلك العمر الغض من أحلام العاطفة الدافئة والمهد المدلل.. ولذة الضعف الأنثوي، وما يتلون على مساحات الجسد والنفس من همة وفتوة.. كلها تتراقص أمام ذاكرتها، وتشهد حضورا دائما في وعيها، وكأنه فردوسا حكم عليها بألا تدخله، أو هي شقائق حياة أبت أن تدنو بأعطافها الزاكية منها لتنشي حياتها الراكدة.

"أريد أن أكون معلمة!!.. نعم هذا هو الاختيار الصحيح.. هذا فقط ما أريد"، ربما كان الدافع هو ذلك الماضي.. وربما كان التعليم بالنسبة لها مرآة ترى في عيون طالباتها أنها تتكلم؟؟ تحاور..!! أن هناك من يستمع لها.. مرايا حية ترى عبرها ومضات إعجاب أحيانا، ونكوص ملل وتبلد أحيانا أخرى... لكن لا بأس، المهم أنها تتكلم وغيرها يستمع لها !! هذا هو همها الأكبر!!، أن ينتهي الصمت المكبّل على فمها وعقلها.. أن يتلاشى الإحساس بالرفض الذي جلبب وجودها. دوما تقول لنفسها قبل دخول قاعة الدرس، وبعدها بل وأحيانا تتوقف وسط الدرس لتركز في عيون الطالبات وتردد بين صداها: "نعم أنا هنا.. أنا موجودة.. أنا أتكلم! والدليل أن هؤلاء يستمعون، فليس غيري معلمة في الفصل؟!! إني أحظى باهتمام!! يا لها من لحظة سعادة قصوى، وجودي أمام الكون كله!!".

ولكن يبدو أن اليوم يحمل شيئا من اللا مألوف يكسر رتابة حياتها المليلة.. فلقد تقرر عقد لقاء أولياء الأمور صباح اليوم.. إنها المناسبة التي كانت دوما تتحاشى الظهور فيها، كانت متعتها في التدريس لا ينغصها إلا طيف هذا اللقاء الذي يعقد مرتين أو ثلاث سنويا، وكان عليها في كل مرة أن تختلق الأعذار والتبريرات لعدم الحضور، وإذا اضطرت للحضور نتيجة رفض إدارة المدرسة لعذرها، فإنها تضع أطرا وطقوسا كطقوس المضطر في أكل الميتة؛ إذ تعتزل في حجرتها وتشترط مقابلة والدة الطالبة على انفراد، ولا يكاد يسمع منها سوى كلمات متعثرة وسريعة. في الحقيقة أن هذا الفعل هو هروب لا شعوري تحلق به دوما رفضا من أن ترى منظر أمّ مع ابنتها!! فهذا المشهد يثير في داخلها أنات ويفتح المغلاق أمام تداعيات من الذكريات الرمادية والمؤلمة.

"أم تمسك بيد ابنتها وكلاهما يتبادلان ابتسامة خفيفة.. وابنة تسارع إلى (تمطي) ذراع أمها، وربما معانقتها، وتشبع الأم هذه المعانقة بعبارات الحب.. وهي تتشوق إلى إبراز التشابه في الملامح والروح بينهما.. كم أكره هذا التصنع!! أحس بالمقت لهذه الرومانتيكية التي تتسلل على قدسية علاقة الوجود النوعي للبشر".

"ولماذا تفترضين أنها مصانعة أو منافقة؟ هذه الحميمية هي الفطرة في العلاقة بين الأم وابنتها".

امتعضت لتعليق صديقتها ولكنها كانت تعلم أن أحدا لا يفهمها.. هكذا كانت تمني نفسها كلما شعرت بأن وتيرة الاتصال تتذبذب مع من حولها، "لا أحد يفهمها لأن أحدا لم يعش حياتها"، هذه هي القاعدة.

انقضى اليوم وكأن جزءا من روحها استل معه.. عادت إلى البيت منهكة مبعثرة يزأر الجسد من تكالب الجهد المادي، وتئن الروح من اعتصار آلام الذكر والرفض..

رمت بنفسها على الأريكة العتيقة، غطت وجهها بما بقي فيها من قوى متعثرة في منعطفات الوسادة، تكبت حزنا يريد أن يفشي سر بكائه،..

"لا هذا ليس وقتا مناسبا.. أريد أن أنام!"، وبين مراوحة البكاء والتعب انسدلت أجفانها معلنة نهاية المعركة...

"لا.. لا.. آه" انتفضت بقوة، كل عضو في جسدها بدا وكأن عليه غبار معركة هرقلية، تصبب العرق يوحي بصدى الرهبة والبرودة الميتة...

"لا إنه الحلم"، عاد يطرقها، ولكنه هذه المرة في النهار وليس في الليل.

لم تتساءل كثيرا، لماذا طرقها نهارا كاسرا رتم عادته، فقد كانت تحسب له العودة وتحزم روحها على مواجهته؛ لأنها تعلم أن أي مشهد لفتاة مع أمها سيثير فيها مشاعر متصاخبة تجد متنفسها في الحلم... في الكآبة.. أو ربما في عارض مرضي ليس له علاج سوى انقضاء أيام تتطهر فيها ذاكرتها من رتوش ذلك المشهد...

رمقت البيت حولها بصلف... كل شيء فيه مرتب كما رسمت في مخيلتها مع فارق هام، وهو أن الزمن اليوم غير زمان البيت القديم الذي تحاكيه، كما أنه (خاليا) من أهم أساطينه... تلك النفس الأنثوية التي تدعى الأم.

"أمي كنت قاسية معك لحظة احتضارك.. ولكني لم أستطع أن أكبح ثورات الكراهية التي غذيتني بها، فقد كنت نطفة تبحث عن الحياة في داخلك.. خرجت إلى الدنيا ولم أسمع منك (يوم) أنني ابنتك، لا أعرف عينيك إلا وحمرة الانتقام تغربل لونهما الداكن، أنفاسك كانت سياطا (يقطع) أمان قلبي الصغير، أخاف من معانقتك لأن جسدك يلفظ شوكا يهتك من روعي كل شاردة سكينة أتملاها.. كانت كلمتك العتيدة: لا أريدك.. ابتعدي.

هي تعليقة النحس التي لازمت أيامي.. فشل في الحياة العامة، طلاق مبكر بعد مشروع هروب يسمى الزواج.. وأخيرا أنّات ماض كريه لا أجدني أنتشي من رؤيتك في طلاسمه.. أخيرا رحلت.. ذهب معك جزء كبير من نفسي وسؤال أكبر ورثته قسرا: لماذا؟ ولكن ظلت لي أمنية واحدة عقرت به سقاء ذلك الألم، أتدرين ما هي؟

أجمل ما في حياتي اليوم أنك غير موجودة فيها... أمي".


--------------------------------------------------------------------------------

النقد والتعليق:

يقول الناقد والسينارست/ عماد مطاوع:

لا يمكن لأحد أن يلم إلماما تاما بطبيعة النفس البشرية، شديدة التعقيد والتركيب في آن واحد، وهذا ما تطرحه قصة "الحب كائن حيث كان آدم" للقاصة غادة الله.

فنحن هنا أمام حالة إنسانية غريبة بالفعل، فنحن أمام امرأة تعمل مدرسة، تمتلك طبيعة خاصة، فهي مشتتة تبحث عن شاطئ تستقر عنده، وعندما تجتر ذكرياتها نجد أنها تحمل كراهية شديدة نحو أمها، وهذا "الشذوذ" في العاطفة تجاه الأم يحيلنا إلى التحدث حول الأسباب التي جعلت من هذه السيدة تتخذ مثل هذا الموقف من أمها، فنجدها تقول: "خرجت إلى الدنيا ولم أسمع منك يوما أنني ابنتك، لا أعرف عينيك إلا وحمرة الانتقام تغربل لونهما الداكن...".

وتنهي الكاتبة قصتها بصدمة على لسان البطلة: "أجمل ما في حياتي اليوم أنك غير موجودة فيها.. أمي".

لتكتمل بذلك دائرة الإحباط والعذاب الذي يحيط بهذه السيدة التي عانت من "فشل في الحياة العامة، طلاق مبكر بعد مشروع هروب يسمى الزواج ... ".

إذن فنحن أمام شخصية تحمل فوق كتفها آثاما وأوزارا لم تكن طرفا أصيلا فيها، لكنها جنت ثمارها بلا شك، وأقصد بالآثام هنا تلك العلاقة بين الأم والأب ثم الابنة (البطلة) فيما بعد. [/size][/quote]

[size=18][b]غادة الله محمد- 25 عامًا[/b][/size]
الرجوع الى المقدمة
استعرض نبذة عن المستخدمين ارسل رسالة خاصة
استعرض مواضيع سابقة:   
انشر موضوع جديد   رد على موضوع     فهرس المنتدى -> قصص وروايات جميع الاوقات تستعمل نظام CET (Europe)
صفحة 1 من 1

 
انتقل الى:  
لاتستطيع وضع مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مواضيعك في هذا المنتدى
لاتستطيع الغاء مواضيعك في هذا المنتدى
لاتستطيع التصويت في هذا المنتدى

business for sale
business for sale

 

business for sale